رعب منزل أميتيفيل

 

في الساعات الأولى من فجر 13 نوفمبر 1974، سكون زائف يحيط ببلدة (أميتيفيل) التي تبعد ثلاثين ميلًا عن مدينة نيويورك الصاخبة. كل شيء كان هادئًا في ذلك اليوم وكأن الطبيعة قد حبست أنفاسها ترقبًا للكارثة الدموية التي كانت على وشك الحدوث.

وفي تمام الساعة 6:30 مساءً من نفس اليوم، يدخل شاب في مقتبل العمر لأحدى حانات (أميتيفيل)، ويفاجئ الجميع بعلامات الهلع والاضطراب التي كانت تكسو ملامحه، وقبل أن يسألوه عما أصابه، صرخ فيهم قائلًا "أنتم لازم تساعدوني، أبويا وأمي اتضربوا بالنار..."

الشاب ده كان (رونالد ديفو) صاحب ال 23 عام، والابن الأكبر لعائلة (ديفو) اللي ارتبط اسمها بواحدة من أشهر حوادث التاريخ وأكثرها غموضًا.

الناس راحت مع (رونالد) لبيت عائلته واللي كان في ((112 Ocean Avenue. للوهلة الأولى كل حاجة كانت تبدو طبيعية جدًا لأن مكانش في أي آثار اقتحام أو عنف في المكان، بس لما طلعوا للطابق التاني اتصدموا بجثث الأب والأم، واخوات (رونالد) الأربعة، وكلهم كانوا مقتولين بالرصاص أثناء نومهم.

لما الشرطة وصلت البيت، كان واضح إن في حاجة غريبة؛ لأن القاتل دخل بكل هدوء ونفذ جريمته من غير ما يسيب أي آثار اقتحام، وقام بقتل كل أفراد العائلة من غير ما حد فيهم يقاومه!

واتضح ليهم إن القاتل استعمل مسدس كاليبر عيار 0.35، وحوالي الساعة 3:15 صباحًا قام بقتل كل أفراد عائلة (ديفو) تباعًا. الأب والأم تم قتل كل واحد منهم برصاصتين، والأطفال ال 4 تم قتل كل واحد برصاصة واحدة. والغريب إن الجثث كلها كانت في نفس الوضعية، وهو انهم كانوا نايمين على السرير ووجههم للأسفل.

لما الشرطة استجوبت (رونالد) قال إن في يوم الجريمة هو خرج من البيت الساعة 6 صباحًا، وقضى اليوم كله في الشغل في معرض السيارات اللي كان بيملكه والده، بعد كدة قابل صديقته وقعد معاها لحد ما روح البيت الساعة 6 مساءً. وقال انه فضل كتير يخبط على الباب ومحدش فتح، فدخل من الشباك واتفاجئ بالجريمة المروعة اللي سلبت أرواح عائلته. ووقتها اتهم رجل عصابات كان عنده مشاكل معاه، وقال ان قبل كدة انه هدده مرة بتصفية عائلته.

بس الشرطة لقت في تضاربات كتير مع أقواله مع الأدلة اللي اكتشفوها، وأهمها إن الطب الشرعي اثبت إن جريمة القتل تمت ما بين الساعة 2 و4 الفجر، يعني تمت و(رونالد) كان في البيت؛ لأن على حسب كلامه هو مسابش البيت غير الساعة 6.

كمان التحقيقات أفادت إن رب العائلة كان شخص عصبي وعدواني، ومكانش علاقته كويسة بأولاده، وان (رونالد) كان بيشاركه نفس الصفات دي وبشكل أسوأ كمان. ده غير ان (رونالد) كان مدمن للمخدرات، وكان متورط في بيع وشراء الأسلحة النارية.

طبعًا كل المعلومات دي أدت ان أصابع الاتهام تتوجه ناحية (رونالد)، وخصوصًا لأنهم كانوا شاكين في حد عارف البيت من جوة كويس وليه صلة بعائلة (ديفو)، ده غير انهم لما فتشوا غرفة (رونالد) لقوا صناديق خشبية كانت مخصصة لحفظ الأسلحة، وواحد منهم كان لمسدس عيار 0.35 وهو نفس السلاح المستخدم في تنفيذ الجريمة.

وبالفعل، أول ما المحققين بدأوا يضيقوا الخناق على (رونالد)، اعترف وانهار وقالهم "أنا اول لما بدأت معرفتش أوقف لحد ما اتأكدت ان كلهم ماتوا..."

وبعد مرور سنة على الجريمة، وفي أكتوبر 1975، بدأت محاكمة (رونالد)، وحاول فريق الدفاع المسؤول عنه انهم يقنعوا هيئة المحلفين بان (رونالد) ارتكب جريمته بدون وعي وإدراك، وانه كان بيعاني من حالة من الجنون. وأثناء شهادته في المحكمة، (رونالد) قال انه كان دايمًا بيسمع صوت شيطاني في ودنه بيقوله "اقتل، اقتل، اقتل." بس الحجة دي منجحتش في اقناع هيئة المحلفين واللي اجمعوا ان (رونالد) مذنب، وتم الحكم عليه ب 25 سنة لكل جريمة بمجموع 150 سنة سجن. ولحد دلوقتي، (رونالد) لسة بيقضي عقوبته في أحد سجون نيويورك.

حتى بعد ادانة (رونالد ديفو)، الغموض حول الجريمة منتهاش، وفضل في أسئلة كتير ملهاش إجابة. ازاي (رونالد) قتل 6 أشخاص لوحده من غير ما حد فيهم يصحى ويقاوم، خصوصًا إن المسدس المستخدم في الجريمة مكانش مزود بكاتم صوت والضحايا مكانوش تحت تأثير أي مخدر! طيب ازاي محدش من الجيران سمع صوت إطلاق الرصاص!

معظم التفسيرات كانت بترجح إن (رونالد) مرتكبش الجريمة لوحده. وفعلًا في صحفيين كتير عملوا مقابلات معاه في السجن، وبدأ يروي ليهم اكتر من قصة مختلفة عن ملابسات الجريمة. ففي مرة قال إن أمه وأبوه دارت بينهم خناقة كبيرة يوم الواقعة، وان أمه هي اللي قتلت أبوه، فأصابته نوبة غضب عارمة وقتل باقي أفراد العائلة بعدها. وفي مرة تانية قال إن أخته ساعدته وان هدفهم كان التخلص من أبوهم وأمهم بس، ولما قتلهم اكتشف إن أخته قامت بقتل باقي أخواته عشان ميشهدوش عليهم، فقام بقتلها لأنها خالفت الاتفاق اللي كان بينهم.

بس طبعًا مكانش في أي أدلة تثبت صحة الروايات دي، وتم إغلاق القضية للأبد.
بس للأسف، الحكاية موقفتش لحد هنا...

بعد 13 شهر من المذبحة، (كاثي وجورج لوتز) المتزوجين حديثًا قرروا الانتقال للمنزل الملعون في بلدة (اميتيفيل) هم وأولاد (كاثي) التلاتة من زواجها الأول. الزوجين كانوا عارفين بالظبط ايه اللي حصل بالمنزل، بس سعرة القليل جدًا في السوق خلاهم يتغاضوا عن تاريخه الأسود، وشافوه فرصة ذهبية متتعوضش.

بس لزيادة الاحتياط، قرروا انهم يجيبوا قس من الكنيسة لمباركة البيت قبل ما ينتقلوا ليه. بس الغريب ان القس ده طلع يجري من البيت مذعورًا، وقال إن في صوت شيطاني أمره بانه يخرج فورًا وميرجعش تاني...

بس ده مكانش كفاية انه يخلي الزوجين يغيروا رأيهم، وبالفعل انتقلوا أخيرا لبيت الأحلام، بس المدة اللي قضوها في البيت ده متعدتش ال 28 يوم...

الأيام الأولى وصفها الزوجين بانها كانت هادية لحد ما، بس سرعان ما بدأت الحوادث الغريبة تحصل واحدة ورا التانية. أولهم إن (جورج) كان بيصحى كل يوم الساعة 3:15 الفجر من غير أي سبب وهو بيشعر بالبرد الشديد، والصدفة هنا إن ده كان نفس الوقت اللي (رونالد) قتل فيه عيلته...

و(كاثي) بدأت تعاني من كوابيس غريبة كانت بتشوف فيها الجريمة اللي راح ضحيتها عائلة (ديفو) بكل تفاصيلها. ولاحظت إن الأطفال التلاتة، بدأوا يناموا على بطنهم دايمًا ووجههم للأسفل مع انهم مكانوش متعودين على كدة، ودي كانت نفس وضعية الجثث!

والأدهى من ده كله، إن (ميليسا) ذات ال 5 أعوام قالت لمامتها إن في بنت صغيرة بتجيلها اوضتها كل يوم عشان تلعب معاها، بس هي ساعات بتخاف منها لأن عينيها لونها أحمر وبتتوهج!

وفي مرة (جورج) قال انه صحي ولقى زوجته مرتفعة عن السرير بطريقة غريبة جدًا وكأن في قوة خفية هي اللي كانت شايلاها!

وقالوا إن كان دايمًا في رائحة كريهة في أرجاء البيت، وكان في سائل اخضر هلامي بيلاقوه على الأرض والحوائط، وان المنزل كان دايمًا يعج بالذباب حتى في أيام الشتاء القارصة. وان الأبواب والشبابيك كانت بتتفتح من تلقاء نفسها.

وفي يوم، قررت عائلة (لوتز) انها تسيب البيت ده للأبد عشان سيناريو عائلة (ديفو) ميتكررش معاهم.

القصص اللي حكوها عن البيت هي اللي الهمت أسطورة (The Amityville Horror) اللي اتبنت عليها قصص وأفلام سينمائية كتير.

لكن، في شكوك كتير كانت بتدور حوالين شهادة عائلة (لوتز)، لانهم في الفترة دي كانوا بيمروا بضائقة مالية، فالناس شكت انهم اختلقوا القصص دي لطلب تعويض، أو حتى عشان ياخدوا فلوس من المقابلات الكتير اللي اتعملت معاهم.

بس في مارس 1976، الزوجين (إيد ولورين وارين) المتخصصين في عالم الخوارق واللي اتبنت عليهم سلسلة (The Conjuring)، قرروا انهم يزوروا البيت، و(لورين) قالت انها حست بشعور غريب جدًا وقلبها أتقبض أول ما دخلت البيت. وفي زيارتهم للبيت، التقطوا عدة صور بالأشعة تحت الحمراء، والمفاجأة إن واحدة من الصور أظهرت طفل صغير بيبصلهم بعيون متوهجة، ويقال إن الطفل ده كان أحد أبناء عائلة (ديفو)، وده اللى خلى (إيد ولورين) يقروا إن البيت فعلًا مسكون.

منزل (أميتيفيل) لسة موجود ليومنا هذا، وفي عام 2010، اشتراه أحد المستثمرين وحوله لمزار سياحي، وفي كل عام بيزوره الألاف من محبي الخوارق وما وراء الطبيعة.

ياترى انت ممكن في يوم تقرر تزوره؟



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ريتشارد راميريز: المتعقب الليلي

أسطورة النداهة

رعب فندق سيسيل - الجزء الثاني