Frank Abagnale

 

كبشر كلنا بنغلط، وبنفضل دايمًا ندور على فرصة تانية نصلح بيها اخطاءنا، بس قليل أوي اللي بيعرف يقدر الفرصة التانية لما تجيله، ويمسك فيها بإيده وسنانه عشان متروحش منه.

سنة 1948 شهدت ميلاد ولد كان الكل بيشهدله بالذكاء على مدار مرحلة طفولته. والولد ده كان التالت ضمن أربع أبناء لأب أمريكي وأم فرنسية جمع بينهم الحب. وكان عايش حياة سوية في مدينة نيويورك الصاخبة في اسرة مستقرة ماديًا وفي بيت مليان بالدفيء الأسري.

بس للأسف دايمًا الرياح لا تأتي بما تشتهي السفن.

لما الولد ده كمل 16 سنة، تم استدعاؤه لمحكمة الأسرة، واتفاجيء بان امه وابوه قرروا الانفصال، ولما القاضي سأله هو عايز يعيش مع مين فيهم، كان رد فعله طبيعي لأي حد في سنه شايف بيته وعيلته بيدمروا قدام عنيه، فضل يعيط وجري برا المحكمة وقرر انه يهرب..

بس اللي مش عادي، ان قرار هروبه ده خلى حياته تاخد منحنى تاني تمامًا، وهو انه يبقى واحد من أشهر المحتالين والمزورين في تاريخ أمريكا.

والولد ده هو (فرانك اباجنيل جونيور) اللي قدر يزور شيكات بأكتر من 10 ملايين دولار، وينتحل شخصيات مختلفة كتير وكل ده قبل ما يكمل 21 سنة.

في البداية، (فرانك) ابتدى يدور على شغل بسيط يقدر يجبله أي مصدر دخل عشان يقدر يعيش، بس في أي حتة بيروحها كان دايمًا بيواجه مشكلة بسبب سنه، بس فكر ولقى ان الحل بسيط، وهو انه شكله كان أكبر من سنه بكتير، فقرر انه يزور رخصة القيادة اللي كانت معاه ويخلي سنه 26 سنة بدل 16.

كمان لما هرب كان معاه دفتر شيكات، وأي وقت كان بيتزنق فيه كان بيكتب شيك، وطبعًا مكانش أصلًا عنده أي حساب في البنك، بس طريقه كلامه ولبسه، وثقته في نفسه كانت دايمًا بتقدر تقنع الشخص اللي قدامه بكل اللي عايزه.

بس بعد فترة الموضوع ده مبقاش جايب نتيجة ولو كان استمر فيه كان ممكن يتكشف، ف(فرانك) قرر انه لازم يسيب نيويورك.

بس ازاي؟ 

في مرة كان موجود في فندق، وصادف طاقم طيران ببدلهم وشنط السفر بتاعتهم، فجات على طول فكرة في دماغه وقال لنفسه "س انا عرفت الحل عشان اسافر أي حتة ببلاش، أنا لازم ابقى طيار."

وبعد ما بحث ودور، (فرانك) قدر انه يلاقي ثغره تخليه ينتحل شخصية طيار وميتكشفش وهي ال Deadheading وده بيكون عبارة عن طيار او فرد من طاقم الطيران بيسافر على أي خطوط طيران هو عايزها للانتقال من مطار للتاني لظروف الشغل.

فساعتها (فرانك) انتحل شخصية طيار لشركة الطيران Pan American، وكان بيروح لأي مطار في العالم ويقولهم انه تابع للشركة ولازم يلحق الطيارة كذا في المطار كذا، فكانوا طبعًا بيفروله مكان على أي طيارة متجهة للمكان اللي عايزه.

(فرانك) قدر انه يسافر على أكتر من 250 رحلة ل 26 دولة مختلفة بنفس الطريقة من غير ما يتكشف، وطبعًا في الوقت ده كان لسة مستمر في تزوير الشيكات.

(فرانك) ماكتفاش بانه ينتحل شخصية طيار بس، لأ كمان انتحل شخصية طبيب أطفال واشتغل في مستشفى في مدينة جورجيا لأكتر من سنة برده من غير ما يتكشف.

كمان (فرانك) قدر انه يتخطى ال Bar Exam وهو امتحان مزاولة مهنة المحاماة في أمريكا والمعروف بصعوبته الشديدة، والطريف في الموضوع ان فرانك مغشش فيه، لأ هو ذاكر لمدة أسبوعين ونجح فيه بجدارة. وبرده اشتغل كمحامي لأكتر من سنة في مدينة لويزيانا من غير ما حد يشك فيه.

بس المعروف ان الجريمة دايمًا بتوصل لنهاية، وعواقبها بتكون غير محمودة.

(فرانك) قدر ان هو يهرب من السلطات لفترة كبيرة جدًا لحد ما اتقبض عليه في فرنسا وهو عنده 21 سنة.

السلطات الفرنسية لما قبضت عليه كان بقرار من الانتربول بسبب عملية تزوير قام بيها في السويد، بس بعد ما دوروا في تاريخه لقوا ان هو ارتكب جرائم تانية في فرنسا ورفضوا تسليمه للسلطات السويدية.

وبالفعل (فرانك) اتحكم عليه بالسجن في فرنسا، وبيقول انها كانت فترة صعبة جدًا، فالسجون الفرنسية معروفة بظروفها القاسية.

(فرانك) بيقول انه قضى مدة السجن في زنزانه صغيرة جدًا مكانش بيدخلها الشمس، وكل اللي كان متوفرله كان بطانية بس وكان بيضطر ينام على الأرض حتى في الشتاء، وان صحته تدهورت وخسر اكتر من نص وزنه في المدة اللي قضاها في السجن. كمان في الفترة دي، والده اتوفى في حادثة، ومشافوش تاني ابدًا.

بعد ما خلص فترة السجن في فرنسا، اترحل للسويد وقضى 6 شهور في أحد السجون السويدية، واخيرًا تم ترحيله للولايات المتحدة واتحكم عليه ب 12 سنة في أحد السجون الفدرالية المشددة.

لما فرانك تم 26 سنة، ال FBI عرضت عليه فرصة عمره، وهو انه يقضي الباقي من فترة سجنه في مساعدتهم لحل جرائم النصب والتزوير.

طبعًا فرانك وافق، ولحد دلوقتي وبعد 43 سنة لسة شغال مع ال FBI، فرانك كمان أسس شركة (اباجنيل وشركاؤه) المتخصصة في مجال مكافحة الاحتيال والتزوير، كمان فرانك بقى اب ل 3 أولاد، وواحد منهم عميل لل FBI.

كمان قصة حياته اتحولت لفيلم مشهور جدًا من بطولة (ليوناردو ديكابريو) و(توم هانكس) وهو Catch Me If You Can.

اللي يخلي قصة حياته مميزة جدًا انه هو قدر يستغل الفرصة التانية اللي جاتله.

(فرانك) لما بيتكلم عن حياته، بيقول ان هو مكانش عبقري زي ما ناس كتير بتوصفه، هو كان مجرد طفل مش فاهم او مستوعب نتيجة اللي كان بيعمله.

(فرانك) رفض اكتر من عفو رئاسي من اكتر من 3 رؤساء للولايات المتحدة؛ لانه متأكد ان افعاله بس هي اللي ممكن تعوض عن كل الجرائم اللي ارتكبها.

الفرصة التانية اه ممكن تيجي بصعوبة بعد وقت كبير، بس لو قدرت تستفيد بيها صح، تقدر تحول حياتك للمسار اللي كنت دايمًا بتتمناه.

وقصتنا دي كانت اكبر دليل.



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ريتشارد راميريز: المتعقب الليلي

أسطورة النداهة

رعب فندق سيسيل - الجزء الثاني