Ted Bundy
معظمنا كبر وهو بيسمع عن حكايات أمنا الغولة وأبو رجل مسلوخة. الوحوش اللي من عالم تاني اللي ليها شكل بشع وشيطاني وبتهاجم البشر.
كبرنا واحنا فاكرين ان الأفعال الوحشية والدموية مقتصرة بس على حكايات ما قبل النوم عشان تخوف الأطفال اللي مبيسمعوش الكلام. بس عمر ما حد قالنا اننا هنكبر وهنعرف ان الوحوش دول ممكن يكونوا وسطينا، بيتكلموا زينا وبيشبهونا، وده لأن تفكير زي ده مرعب أكتر بكتير من أي حكاية خيالية كانت بتتحكيلنا...
(ثيودور روبيرت باندي) أتولد في نوفمبر سنة 1946 في مدينة ڨيرمونت الأمريكية لأم عندها 21 سنة وأب مجهول الهوية وده معناه أن (تيد) عاش حياته كابن غير شرعي.
(تيد) اتربى في بيت امه مع جده اللي كان متدين جدًا ويقال انه كان عنيف في أسلوب تربيته لحفيده وان (تيد) ممكن يكون أتعرض لأنواع من الاعتداء الجسدي أو النفسي خلال طفولته، بس ده حاجة (تيد) بنفسه أنكرها فيما بعد.
في 1951، امه تزوجت من (جوني باندي) واللي وافق انه يدي لتيد اسمه الأخير، ومع كدة فتيد عمره ما كان على وفاق مع زوج امه، وقضى اغلب حياته بيمتعضه لأنه كان مستواه الاجتماعي متوسط ومكانش متعلم كفاية بالشكل اللي يشرف (تيد).
رغم كل ده، ف(تيد) كان طفل نابغ والكل كان بيشهدله بالذكاء، وكمان كان اجتماعي بشكل كبير وبيشارك في نشاطات مختلفة وكان محبوب من كل اللي بيتعامل معاه.
شخصية (تيد) متغيرتش حتى لما كان بيدرس علم النفس في جامعة واشنطن، فكان بيشارك في الأعمال الخيرية في الكنيسة وكان بيتطوع في الحملات الانتخابية السياسية، وكان في الفترة دي على علاقة مع فتاة ثرية من واشنطن واللي كانت بتشبه لحد كبير معظم ضحاياه، اللي كانوا بيبقوا بنات فاتنات في مقتبل العمر وشعرهم داكن اللون.
في الفترة اللي تيد قضاها في واشنطن، بدأت الشرطة تلاحظ اختفاء عدد كبير من البنات في مدينتي سياتل وأوريغون يتراوح عمرهم ما بين 18 ل 21 سنة ووصل عددهم ل 6 ومكانش حد يعرف ايه اللي حصل لهم.
بعد ما (تيد) اتخرج من جامعة واشنطن في 1974، اتقبل انه يدرس المحاماة في جامعة يوتا، وهناك كمان بدأوا يلاحظوا اختفاء عدد كبير من البنات وبدأت الشرطة بتكثيف تحقيقاتها ولكن للأسف كانت كل أطراف الخيط بتؤول بهم لطرق مسدودة.
(تيد) كان بيعتمد على كاريزمته العالية وقدراته على الإقناع وطبعًا وسامته في استدراج ضحاياه. فمرة كان بيروحلهم على إن ايده مكسورة ومحتاج مساعدة، وفي مرات كتير كان بينتحل شخصية ضباط شرطة، وفي كل مرة كان بيبان قصادهم كشخص مثقف ولطيف مش ممكن انه يأذي حد.
(تيد) كان بيخطف ضحاياه وياخدهم لمكان مجهول ويعتدي عليهم أكتر من مرة ويستمتع بتعذيبهم وهم أحياء بضربهم ضربًا مبرحًا، وعضهم لدرجة انه كان بيقطع أجزاء من لحمهم بأسنانه المجردة، وكان بيطعنهم في أماكن متفرقة من أجسادهم تضمن عدم مفارقتهم للحياة، بعد كدة كانت طريقته للقتل بتتفاوت بين الخنق او تهشيم الرأس. وتيد مكانش بيتخلص من الجثث على طول، كان بيحتفظ بيها لأيام عديدة للممارسة النيكروفيليا.
و(تيد) دايمًا الحظ كان بيحالفه مع ضحاياه، لحد ما جه الدور على (كارول دارونش)، اللي حاول يستدرجها بانه ظابط شرطة واوقف محاولة سطو على عربيتها. في البداية (كارول) صدقته وراحت معاه لحد ما حست ان تصرفاته غريبة وقدرت فعلًا انها تهرب وتنجو بحياتها، ولأول مرة البوليس بدأ يبقى عنده أدلة مهمة وان الخاطف قالها إن اسمه (تيد)، وكمان قدرت انها توصفلهم شكله ومعالم جسمه.
في نفس التوقيت تقريبًا، كانت الشرطة اكتشفت عدد من الجثث المتحللة في واحدة من غابات سياتل، واللي اتضح انهم من أوائل البنات اللي اختفوا وأخيرًا الشرطة كانت ابتدت تربط ان اللي بيحصل ده بسبب قاتل متسلسل حر وبيتنقل في أكتر من ولاية مختلفة.
الشرطة كانت بدأت تحرياتها اتجاه ناس كتير اسمهم (تيد) وليهم نفس المواصفات وعندهم نفس العربية واللي كانت من نوع (فولكس فاغن بيتل)، بس طبعًا تفكيرهم مكانش وصل ل(تيد باندي)، الطالب الجامعى اللطيف والمحبوب من كل اللي حواليه.
بس اللي خلى تيد يوصل لأعلى قائمة المشتبه فيهم كان صديقته اللي كلمت الشرطة وقالتلهم انها خايفة يكون حبيبها هو الراجل اللي بيدوروا عليه، فمواصفات المشتبه به تشبهه لحد كبير وكمان كان عنده نفس العربية، ده غير انها لاحظت تصرفات غريبة وعنيفة من ناحيته، منها انه حاول يغرقها مرة.
من هنا بدأت خطوط القضية تتجه نحو (تيد باندي)، بس برده لسة مكانش فيه أي دليل حي اتجاهه يخليهم يقبضوا عليه.
بس في ليلة من ليالي أغسطس 1975، دورية من الشرطة أوقفت سيارة بيتل كانت ماشية بسرعة كبيرة جدًا والسائق بتاعها كان (تيد باندي) نفسه، بعد تفتيش العربية، الشرطة لقت قناع للوجه وقيود وآلات حادة في شنطة العربية فحسوا ان في حاجة غلط وتحفظوا عليه.
ساعتها الشرطة انتهزت الفرصة وعرضته على (كارول) الناجية الوحيدة، واللي اتعرفت عليه فورًا، ووقتها اتحكم عليه ب 15 سنة سجن بتهمة الاختطاف والشروع في القتل.
تيد كان شخص ذكي جدًا وال IQ بتاعه كان يقال انه اكتر من 130 وده اعلى من معدلات الشخص العادي، ففكرة السيطرة عليه واحتجازه كانت صعبة جدًا، وعشان كدة (تيد) قدر انه يهرب من السجن، مش مرة واحدة، لأ مرتين...
المرة الأولى كانت أثناء محاكمته ونط من شباك المحكمة واللي كان في الدور التاني، وساعتها اختفى لمدة 8 أيام في كوخ مهجور بعيد عن المدينة لحد ما لقى نفسه وسط عاصفة شديدة واضطر انه يرجع المدينة واتقبض عليه.
المرة التانية (تيد) قدر انه يخسر وزن كبير يمكنه انه يتسلل من فتحة كانت موجودة في زنزانته، وفي المرة دي كان الحظ حليفه بشكل أكبر وقدر انه يسيب المدينة بسلام.
الشرطة في الوقت ده كانت هتتجنن لأنه تقريبًا كان اختفى من دون أي آثر أو معلومات تفيد عن مكانه، وفضلوا لوقت كبير ميعرفوش حاجة عنه لحد ما حصلت فاجعة جديدة...
في ليلة من ليالي يناير الباردة سنة 1978، كانت مدينة فلوريدا بتعيش كارثة بمعنى الكلمة، وهو ان في شخص اقتحم سكن لطالبات الجامعة وقدر انه يقتل بنتين بطرق بشعة، ويسيب 2 تانيين في حالة حرجة.
ساعتها كانت الشرطة وصلت لأقصى مراحل اليأس، وحتى ال FBI كانت بدأت تدّخل بس للأسف ساعتها كل جهودهم للعثور على (باندي) كانت دون جدوى.
وفي 9 فبراير حصل اللي محدش كان يتوقعه، وهو العثور على الطفلة (كيمبرلي ليتش) ذات ال 12 عام مقتولة ومعتدى عليها وجثتها مشوهة.
وبعد 45 يوم من اختفاء باندي ولتاني مرة تم القبض عليه بسبب سرعتة وسواقته المتهورة لعربية كان متبلغ عنها انها مسروقة.
المرة دي المحققين كان عندهم أدلة كافية انهم يواجهوا باندي في المحكمة بتهمة القتل المتعمد في قضية سكن طالبات فلوريدا، ومن أهم الأدلة دي انه كان في علامات عض على الضحايا تم مطابقتها لأسنان تيد.
محاكمة تيد باندي كانت من أغرب المحاكمات في التاريخ وده لأنها كانت كلها متسجلة صوت وصورة وبتُعرض للعامة، وكمان لأن (تيد) أصر انه يكون واحد من المحاميين اللي بيدافعوا عنه.
ساعتها كان من أهم الأشياء عنه انه يوري هيئة المحلفين والعامة قد ايه هو شخص جذاب ومش ممكن يكون اقترف الجرائم البشعة اللي هم متهمينه بيها، وكان واثق انه هيقدر يثبت براءته.
بس الحقيقة ان تيد كان شخص نرجسي وعنده مشاكل في السيطرة على رغباته وده اللي خلاه يفقد السيطرة في المحكمة ويظهر منه تصرفات غريبة جدًا، فمرة وهو بيٍستجوب الظابط اللي كان موجود في مسرح الجريمة في سكن الطالبات، أجبره انه يعيد سرد مشاهد مسرح الجريمة بكل تفاصيلها القاسية والدموية أكتر من مرة زي شكل الجثث وأثار الاعتداء اللي كانت عليهم، وطبعًا كان واضح عليه جدًا قد ايه كان مستمتع وهي بيعيد سرد الأحداث البشعة اللي اقترفها بايده.
(تيد باندي) كانت عيونة شديدة الزراق، ولكن الكل كان بيحكي ازاي كانت بتتحول كلها للون الأسود لما بيتكلم او بيسمع حاجة عن الجرائم اللي ارتكبها.
وفي النهاية، (تيد) خسر القضية وتم الحكم عليه بالإعدام باستخدام الكرسي الكهربائي.
ودي مكانتش أخر مرة (تيد) يمثُل أمام المحكمة، ف(تيد) اتحاكم مرة تانية بتهمة قتل (كيمبرلي)، الطفلة ذات ال 12 عام، ولتاني مرة اتحكم عليه بالاعدام.
والمحققين كانوا شايفين ان المحاكمة دي مهمة جدًا لأن حكمين بالاعدام أفضل من حكم واحد ممكن يحصله نقض وميتنفذش.
(تيد باندي) قضى 10 أعوام بانتظار تنفيذ حكم موته، وفي الفترة دي حاول أطباء نفسيين كتير انهم يتكلموا معاه ويدرسوا حالته، وحاول محققين كتير انه يخلوه يعترف أو يقولهم العدد الحقيقي لضحاياه، حتى كمان في محللين جرائم من ال FBI قعدوا معاه عشان يفهموا سلوك القتلة المتسلسلين بشكل أفضل.
(تيد) فضل لمدة كبيرة جدًا رافض انه يعترف بأي جريمة ارتكبها، وكان الطريقة الوحيدة اللي بيخلوه يتكلم فيها هو انهم يستشيروه في القضايا بما انه دارس لعلم النفس.
وفي أخر سنوات حياته، (تيد) أخيرًا قرر انه يتكلم ويعترف بقتله ل 36 ضحية، مع انه يعتقد انه عدد مش صحيح وان عدد ضحاياه يفوق ال 100.
(تيد) كان مقتنع ان عنده كيان مسيطر على تفكيره، والكيان ده كان بيكبر معاه من وهو صغير، الكيان ده كان كل اللي بيفكر فيه هو العنف ضد المرأة، وقال انه حاول يسيطر على الكيان ده بس مقدرش لأنه كان أقوى منه.
تيد كمان اتصنف على انه سيكوباتي واعترف انه مبيحسش بأي مشاعر. لا ندم، ولا حب ولا رأفة أو تعاطف، وكان كمان نرجسي بشكل كبير، ومحب للمخاطر.
لكن يقال ان المرة الوحيدة اللي تيد أظهر فيها الندم كان على الطفلة الصغيرة (كيمبرلي)، واللي كان بيتجنب الحديث عنها، ولو اضطر فكان بينتهي به الأمر بالبكاء.
وفي يوم 24 يناير 1989 تم اعدام (تيد باندي) بالكرسي الكهربائي وسط أجواء احتفالية خارج السجن.
(تيد) طلب حرق جثته وانهم يوزعوا بقاياه على جبل كاسكيد واللي قال انه قضى عليه أجمل أوقات حياته، بس في الحقيقة ده كان المكان اللى دفن فيه معظم ضحاياه.
(تيد باندي) معروف بانه أبشع قاتل متسلسل في القرن العشرين، وأكتر راجل شرير في تاريخ أمريكا. بس السؤال هنا: هل يا ترى هو فعلًا كان سيكوباتي محتال، منعدم من كل معالم الإنسانية، ولا كان شخص مريض وأفعاله كانت سبب لحاجة مش مظبوطة في كيمياء مخه؟
يا ترى انت رأيك ايه؟
"عايزين نقول اننا نقدر نتعرف على الناس الخطيرة والشريرة دي. بس الشيء المخيف اننا منقدرش نتعرف عليهم بسهولة. الناس متقدرش تستوعب ان القتلة المحتملين ممكن يكونوا حواليهم. ازاي حد يقدر يعيش في مجتمع فيه الناس اللي حبهم، واحترمهم، وقدرهم، ممكن اليوم اللي بعده يتضح انهم كانوا أكتر أشخاص ممكن نتخيلهم بيتمتعوا بحث وحشي وشيطاني." – تيد باندي.
تعليقات
إرسال تعليق